كن بلسماً إن صار دهرك أرقما | وحلاوة إن صار غيرك علقما |
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها | لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما . |
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا | أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟ |
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ | أو من يثيبُ البلبل المترنما؟ |
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ | بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما |
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما | إني وجدتُ الحبَّ علما قيما |
لو لم تَفُحْ هذي، وهذا ما شد، | عاشتْ مذممةً وعاش مذمما |
فاعمل لإسعاد السّوى وهنائهم | إن شئت تسعد في الحياة وتنعما |
*** |
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا | لولا الشعور الناس كانوا كالدمى |
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا | وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما |
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ | والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما |
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ | بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما |
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها | زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما |
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ | لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما |
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه | ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما |
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ | المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما |
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم | مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى |
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه | وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما |
*** |
يا من أتانا بالسلام مبشراً | هشّ الحمى لما دخلتَ إلى الحمى |
وصفوكَ بالتقوى وقالوا جهبذُ | علامةُ، ولقد وجدتك مثلما |
لفظٌ أرقّ من النسيم إذا سرى | سَحَراً، وحلوُ كالكرى إن هوّما |
وإذا نطقتَ ففي الجوارحِ نشوةٌ | هي نشوةُ الروحِ ارتوتْ بعدَ الظما |
وإذا كتبتَ ففي الطروسِ حدائقٌ | وشّى حواشيها اليراعُ ونمنما |
وإذا وقفتَ على المنابر أوشكتْ | أخشابها للزهوِ أن تتكلما |
إن كنت قد أخطاكَ سربال الغِنَى | عاش ابنْ مريم ليس يملك درهما |
وأحبّ حتى من أحب هلاكه | وأعان حتى من أساء وأجرما |
نام الرعاة عن الخراف ولم تنمْ | فإليك نشكو الهاجعين النوّما |
عبدوا الإله لمغنمٍ يرجونه | وعبدتَ ربّك لست تطلبُ مغنما |
كم رَوّعوا بجهنّم أرواحنا | فتألمت من قبلُ أن تتألما! |
زعموا الإله أعدّها لعذابنا | حاشا، وربُّك رحمةٌ، أن يظلما |
ما كان من أمر الورى أن يرحموا | أعداءهم إلا أرقّ وأرحما |
ليست جهنم غير فكرةِ تاجرٍ | ألله لم يخلق لنا إلا السما |